إدارة الذات • • بين القرآن والغرب “الجزء الأول”
د. مصطفى النجار
صاغت شركة تويوتا رؤيتها ” أن تكون أنجح شركة سيارات وأكثرها نيلا للاحترام ” و أسست بناء على تلك الرؤية رسالتها التى تمثلت فى ” جذب العملاء بمنتجات تحظى بدرجة عالية من التقدير لكسب رضاهم ” وصممت تويوتا طريقة الإدارة وفقا لتلك الرؤية والرسالة ، بداية من وضع الخطط والأهداف مرورا بالتشغيل والعمليات وانتهاء بخدمة العملاء ، رؤية تنبع منها رسالة تتشكل وفقا لها طريقة الادارة والخطط والأهداف والعلاقات.
و لئن كانت رؤية الشركة لذاتها وتصورها لرسالتها القاعدة الفكرية التى تمكنها من تحقيق الكفاءة فى جميع المراحل الإدارية والتشغيلية ، فإن رؤية الإنسان لذاته ومعرفته بمكوناتها و إدراكه لمركزه فى الكون ومن أين أتى؟ و إلى أين المصير؟ ينبع من كل ذلك تصوره لرسالته فى الحياة ، والتى تحدد بدورها كيفية إدارته لذاته ، وتشكل أهدافه وعلاقاته وما يجب عليه وما لا يجب.
وأرى أن الحضارة الغربية لم تقدم رؤية صحيحة مستقرة للإنسان عن ذاته ومركزه فى الكون ومصيره ، تساعده فى تحديد رسالته لإدارة ذاته بكفاءة وصياغة أهدافه وسلوكه ، و جنحت فى ذلك من أقصى اليمين لأقصى اليسار ، فجنحت قديما لعالم الروح واعتبرت الاهتمام بالجسد رجس من عمل الشيطان يخصم من السمو الروحى ، وكأن بين جسد الإنسان وروحه خصومة ، فشقى الإنسان بذاك الجنوح وتخلف ، ثم ثارت على ذلك بجنوح مادى أمر، غاب فى ظلاله كل اعتدال وسطى جميل ، فاعتبرت الإنسان تكوينا ماديا بحتا تطور عن غيره من الأجناس ، فأهدرت قيمه الإنسان وكرامته بقطع صلته عن خالق صوره وفضله على كثير ممن خلق ، لتهوى به فى مستنقع المادية السحيق ، تلك بعض مرارات وسموم الداروينية ” دارون ” ثم حاولت التوفيق بين المادية والإيمان بإله ، مجرد خالق خلق ثم ترك مخلوقاته فى مهب الريح دون رعاية لهم أو تدبير ، لتقطع صلة الإنسان يخالفه مجددا و تنصبه إلها يدير ذاته والكون وفق هواه لا وفق مراد خالقه ” ارسطو” ، فاضطربت الأهواء وتعددت وسادت الظلمات وعمت الفوضى” ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور”(النور-40 ).
و إنى لأعجب من حضارة تقيم علومها الطبيعية على حقائق قاطعة الثبوت واضحة البرهان فتبلغ القمة فى الرخاء المادى و الارتقاء العلمى ، فإذا بها تشيد علومها الإنسانية على – – –
ونكمل إن شاء الله فى الجزء الثانى تجنبا للإطالة.
وكل عام وحضراتكم بخير، تحياتى وتقديرى.